في مطلع القرن السادس من الهجرة خرج من اطراف الصين جيش التتار الذى اشتهر بقوته و وحشيته في القتال فهب مثل العاصفة على الممالك والبلاد فقتل الاف البشر واحرق ودمر وخرب ممالك ومدن كثيرة
وفى وقت قصير تمكن جيش التتار من اجتياح مساحة كبيرة من العالم ودخلوا الى
بلاد الاسلام فعاثوا فيها فساد وخراب وقتل حيث دخلوا الى بخاري وسمرقند والري
وهمذان وغيرها من البلاد التي عانى اهلها من جرائم التتار و وحشيتهم
هجوم التتار على بغداد عاصمة الخلافة العباسية
وفى شهر صفر من عام 656 هجرية دخل
التتار الى بغداد حاضرة الخلافة العباسية فاستباحوا المدينة الزاهرة العامرة لمدة اربعين يوم دمروا فيها القصور والمنازل
وقتلوا فيها الكثير من المسلمين كما قتلوا الخليفة العباسي المستعصم بعد ان ازلوه
واختلف المؤرخون في عدد السكان الذين قتلهم التتار في بغداد حيث قال بعض
المؤرخين انهم وصلوا الى مليون قتيل واصبحت الجثث تملاء الطرقات في بغداد مما تسبب
في انتشار الوباء وتحولت بغداد من منارة للحضارة والعلم الى خراب
ثم توجه التتار الى الشام فتساقطت امامهم مدنها كأوراق الشجر وكان سكان
المدن يشعروا بالخوف من التتار ومن وحشيتهم وقسوتهم
وبعدها اتجهت انظار التتار الى مصر والتي كان يحكمها القائد المظفر سيف
الدين قطز والذى كان بينه وبين التتار ثار قديم حيث قضى التتار على حكم اسرته التي
كانت تحكم الدولة الخوارزمية
و اسمه الأصلي محمود بن الامير ممدود حيث كان ابوه الامير ممدود ابن عم
السلطان جلال الدين خوارزم شاه سلطان الدولة الخوارزمية وكانت امه اخت السلطان جلال الدين وبعد ان قضى
التتار على الدولة الخوارزمية التي كانت تحكم في اسيا الوسطى وكانت تجاور
امبراطورية المغول
تم بيع محمود في السوق واشتراه رجل
صالح من الشام وبعد ان قضى فترة في الشام
كان يستمع فيها الى احاديث الشيخ العز ابن عبد السلام توجه الى مصر حيث اصبح من
مماليك الملك الصالح نجم الدين ايوب وهو اخر ملوك الدولة الايوبية
فتعلم قطز فنون الحرب والقتال في مدارس المماليك واشترك مع جيش الملك
الصالح في قتال الحملة الصليبية السابعة وانتصر الجيش الإسلامي على الصليبيين في
معركة المنصورة في عام 648 هجرية الموافق 1250 ميلادية وتم اسر الملك لويس التاسع
قائد الحملة الصليبية
قطز يحكم مصر
وتدرج قطز في السلطة حتى وصل لحكم
مصر في عام 657 هجرية الموافق 1259 ميلادية بعد ان تم خلع السلطان الصبى الصغير
المنصور نور الدين على والذى لم يكن يصلح لإدارة الدولة ومواجهة خطر التتار القادم
على مصر
وبعد ان تولى قطز حكم مصر عمل على القضاء على الفتن الداخلية حيث قام بسجن
بعض الاشخاص الذين كانوا يثيروا الفتن وبعدها عمل على التقرب من الناصر يوسف صلاح وهو الذى كان يحكم دمشق وحلب
حتى يتجنب القتال معه ويتفرغ لقتال التتار
وبعد ان استولى التتار على الامارات الاسلامية ووصلوا الى غزة لم يعد
امامهم الا مصر فبدأ قطز الاستعداد لمعركة المصير مع التتار
فاصدر عفو عن المماليك البحرية الذين هربوا الى الشام بعد ان قتل زعيمهم
فارس الدين أقطاي وكان هذا القرار من اهم القرارات التي اتخذها قطز استعدادا
للمعركة المرتقبة مع التتار
وذلك لان المماليك المعزية الموجودين معه في مصر لا يكفوا لمواجهة التتار
وحدهم ولكن عندما يجتمع معهم المماليك البحرية
والذين يمتلكوا خبرة كبيرة في القتال ومنهم الظاهر بيبرس سوف يتكون جيش قوى
يمكنه مواجهة التتار
وعندما وصل بيبرس الى مصر استقبله قطز استقبال حسن واقطعه قليوب والقرى
المحيطة بها وجعله في مقدمة الجيش في معركة عين جالوت
وفى الوقت الذى كان فيه قطز يستعد للحرب مع التتار ارسل هولاكو قائد التتار
رسالة الى قطز يطالبه فيها بتسليم مصر للتتار والا سيلقى الحرب والخراب والدمار
فاجتمع قطز مع الامراء والقادة لاتخاذ القرار والرد على رسالة هولاكو وكان رأى
قطز ان يخرج للحرب وعندما وجد في بعض الامراء تراخى عن القتال قال قطز انا اخرج
لقتال التتار وحدى وبعدها استجاب له الامراء المماليك وايدوا مواجهة التتار
وقرر قطز قطع رؤوس رسل هولاكو وتعليق الرؤوس على باب زويلة في القاهرة حتى
يشاهدها الناس ثم تشاور قطز مع قادة الجيش في اختيار افضل طريقة لمواجهة التتار
خطة قطز لقتال التتار
وكان رأى قطز ان يخرج لقتال التتار في ارض فلسطين ولا ينتظرهم حتى يصلوا
الى مصر وايده القادة في هذه الفكرة ثم واجهت قطز مشكلة الصليبيين الموجودين في
فلسطين فقرر عقد معاهدة مع امارة عكا التي يحتلها الصليبيين وذلك حتى يامن قطز
جانب الصليبيين خلال قتال التتار
وفى اوائل شهر شعبان من عام 658 هجرية الموافق 1260 ميلادية تحرك جيش
المسلمين بقيادة قطز لمقابلة التتار في فلسطين وكان قطز يسير بالجيش بنفس الخطة التي
سوف يواجه بها جيش التتار حيث وضع بيبرس على مقدمة الجيش وجعها تسير قبل الجيش حتى
لو راها جواسيس التتار يظنوا انها كل جيش المسلمين ويستعد جيش التتار للقتال على
هذا الاساس ثم يفاجا بقوة جيش المسلمين الاساسية وعلى راسها قطز
وهذا ما حدث فعلا حيث شاهدت عيون التتار مقدمة جيش المسلمين واعتقدت انه
الجيش كله فأسرعت الى حامية غزة التاتارية لتبلغها بالأمر فخرجت حامية غزة لمقابلة
مقدمة جيش المسلمين ولكن مقدمة الجيش بقيادة بيبرس نجحت في هزيمة الحامية التتارية
وهرب بعض جنود التتار لينقلوا الاخبار الى كتبغا قائد جيش التتار
وعندما علم كتبغا بهزيمة الحامية في غزة تحرك بجيشه لمقابلة قطز وجيش
المسلمين وفى خلال ذلك اختار قطز مكان مناسب لمقابلة التتار فيه وهو سهل عين جالوت
معركة عين جالوت بين المسلمين والمغول
وفى يوم الجمعة الموافق 25 رمضان عام 658 هجرية الموافق 1260 ميلادية كان
جيش المسلمين مستعد لمواجهة التتار في سهل عين جالوت وكانت مقدمة الجيش بقيادة
بيبرس ظاهرة اما بقية الجيش فكان خلف التلال وذلك لكى يعتقد التتار ان المقدمة هي
كل الجيش
وهذا ما حدث فعندما رأى كتبغا قائد جيش التتار مقدمة جيش المسلمين انطلق
بقواته كلها لقتال مقدمة جيش المسلمين والتي صمدت بقوة في مواجهة جيش التتار وبعدها
دقت طبول المسلمين دقات معينة فهم منها بيبرس ان عليه التراجع لكى يسحب جيش التتار
كله الى داخل سهل عين جالوت
وفعلا دخل جيش التتار كله الى السهل وبعدها دخل جيش المسلمين الأساسي الى
المعركة ونجحت قوة من جيش المسلمين في سد المدخل الشمالي لسهل عين جالوت وبذلك
اغلق طريق التراجع امام التتار
واشتد القتال وضغط التتار على ميسرة جيش المسلمين ولما رأى قطز ذلك ارسل
قوات لدعم الميسرة ولكنها لم تجدى مع ضغط التتار القوى فرمى قطز خوذته وصاح صيحته
الشهيرة وإسلاماه وإسلاماه وهجم بقواته على جيش التتار
فرفع ذلك من عزيمة جيش المسلمين وزاد الضغط على جيش التتار ونجح واحد من
امراء المماليك وهو جمال الدين آقوش
الشمسي في الوصول الى كتبغا قائد جيش التتار ودار بينهم قتال عنيف انتهى بمقتل
كتبغا وبذلك ضعفت معنويات جيش التتار وانهزموا امام جيش المسلمين في معركة عين
جالوت
وبعدها تجمعت قوات
التتار التي هربت من معركة عين جالوت
بالقرب من بيسان ودار بينهم وبين جيش المسلمين بقيادة قطز قتال عنيف انتهى
بهزيمة جيش التتار ومقتل كل جنوده
وبذلك
تخلص العالم الإسلامي والعالم كله من شر التتار الذين عاثوا في الارض خرابا وقتلا
رحم الله السلطان المظفر قطز وكل من كان معه من قادة المسلمين وجنودهم الذين
شاركوا في معركة عين جالوت
.png)
تعليقات
إرسال تعليق